«لنا أكثر من 100 سنة واحنا شغالين على قطار القصب، ومروره من وسط زراعاتنا وبيوتنا.. مشهد كان يملأ بيوتنا بالفرحة» هكذا تحدث أهالى 35 قرية بغرب المنيا بمراكز ملوى وديرمواس وأبو قرقاص ومركز المنيا.
وقال عياد جاد، عامل من قرية سنجرج بمركز ملوى، إن قرار مصنع السكر بوقف تشغيل قطار نقل المحصول من الزراعات حتى داخل المصنع، والمعروف بقطار «الديكوفيل» أو كما كنا نسميه قطار البهجة، يعد خراب بيوت للعمال الأجيرة، موضحًا: لسنا ملاك أراض زراعية بل كنا نعمل فى زراعات القصب باليومية طوال الموسم.
وأضاف عبدالحميد عبدالهادى، عامل من قرية ابشادات، أن محصول القصب والذى بدأ الكثير من المزارعين تقليعه لتبديل المحصول بزراعات الكمون والينسون، لم يكن يستفيد منه مالك الأرض فقط بل كنا وبخاصة أهالى القرى التى كان يمر منها قطار الديكوفيل، نعمل فى زراعة القصب، ثم تكسيره وحصاده، ثم فى ريه وتسميده، وبعد ذلك تحميله للقطار، وكل ذلك بيوميات مضمونه طوال العام.
وقال محمود أبو حسين، مزارع بقرية حمدى بابشادات بمركز ملوى، وعضو جمعية المحاصيل السكرية، إن قطار القصب أو كما يُطلق عليه «الديكوفيل» يمر فى القرية منذ أكثر من قرن.
وأضاف خلال حديثه مع الـ«الشروق»: مرور القطار كان يرسم البهجة وتتساقط منه عيدان القصب، ويلتف حوله الأطفال بالأغانى والتصفيق محاولين سحب بعض القصب، ولكن ذلك المشهد غاب هذا العام لأول مرة منذ أكثر من 110 سنوات، نتيجة توقف إنتاج السكر من القصب بمصانع أبو قرقاص، وعدم استخدام القطارات هذا الموسم لضعف التوريد غير المسبوق.
وتابع: «نحن أهالى 35 قرية، عشنا طوال السنوات الماضية نعتمد بشكل كبير على نقل محصولنا من القصب عقب تكسيره وحصاده إلى مصنع سكر أبوقرقاص، إذ يمثل لهم وسيلة سهلة ومجانية، وتأخذ المحصول من أمام حقولهم إلى داخل المصنع».
ومن جهته، قال أحمد عبدالمنعم اسماعيل، عضو مجلس النواب عن مركز أبو قرقاص ورئيس مجلس إدارة جمعية المحاصيل السكرية، والتى كان يطلق عليها جمعية القصب، إن مشهد مرور قطار القصب عن القرى غاب هذا الموسم، بعد أن حل محله سيارات النقل، والعربات الكارو، وهو ما جعل المزارع يشعر بعبء آخر على أعبائه، وهو النقل والتحميل للسيارات، ثم مشهد الانتظار خارج المصنع، فكل هذه المشاهد كان يلغيها قطار الديكوفيل.
وأضاف: وقف القطار دفع المزارعين لتوريد آلاف الأطنان مباشرة إلى التجار وعصارات العسل الأسود، لتحقيق مكاسب مالية مشروعة لهم، ليدخل مصنع السكر فى أزمة توقف لضعف التوريد له والذى وصل لأقل من 10 آلاف طن بدلا من المنتظر 750 ألف طن، ويتم تحويل تلك الكميات الضعيفة التى جمعها لمصانع جرجا بسوهاج، ويتوقف عمل القطار نهائيا.
يضيف عضو مجلس النواب لـ«الشروق»: عشرات القرى كان يمر فيها قطار القصب هنا فى ملوى وديرمواس، أشهرها قرى: المحرص، الروضة، هور، إبشادات، جعوير، تونا الجبل، السواهجة، الأشمونين، بنى خالد، قلندول، البرنسة، التابوت، منشأة المغالقة، قلندول، ديروط أم نخلة، عزبة سيف، والشيخ حسين، وعزبة عدلى، وقرى أخرى.
وقال محمد حسين، أحد أهالى قرية الروضة، إن مشهد مرور القطار على حواف ترعة القرية، وبالقرب من المنازل بمسافة لا تزيد عن الثلاثة أمتار، لن ينساه، فكان يُطمئن المواطنين بوجود خيرات أراضيهم، ونقلها للمصانع لتعود إليهم فى هيئة منتجات مختلفة مرة أخرى.
يذكر أن قطارات الديكوفيل فى المنيا تزيد خطوط سيرها عن 50 كيلو مترًا، وتمر فى ثلاثة مراكز جنوب المحافظة، قد توقفت هذا العام مع توقف مصنع سكر أبوقرقاص عن إنتاج السكر من القصب لضعف توريد المحصول له، لتعد تلك هى المرة الأولى التى لا تجوب فيها قطارات البهجة القرى والنجوع لتحمل محصول القصب منذ أكثر من قرن.