ارتفعت أسعار الكاكاو بأكثر من ثلاثة أضعاف خلال العام الماضي، مما خلق أزمة كبيرة لصانعي الحلوى وشركات الأغذية الأخرى التي تستخدم الكاكاو لصنع الشوكولاتة.
ففي السنوات الأخيرة، كان سعر الكاكاو يتراوح حول 2500 دولار للطن المتري، ولكن التقارير التي تحدثت عن محصول أقل من المتوقع أثارت المخاوف بشأن الإمدادات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلعة على مدار الأشهر الأخيرة.
وقد بلغ سعر الكاكاو أعلى مستوى له على الإطلاق عند أكثر من 11 ألف دولار للطن المتري في شهر أبريل، إلا أن الأسعار تراجعت قليلاً منذ ذلك الحين، وذلك حسبما أوردت شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية.
وفي الوقت الحالي، من المرجح أن تكون العديد من شركات الشوكولاتة الكبرى مثل هيرشي، ومارس (الشركة المصنعة لمنتجات إم آند إم)، وفيريرو (الشركة المالكة لشركة كيندر)، ومونديليز (الشركة الأم لشركة كادبوري) محمية من ارتفاع أسعار الكاكاو، وذلك بفضل العقود طويلة الأجل التي تحدد الأسعار التي تدفعها مقابل السلع الأساسية، بهدف حماية الشركات من أحداث مثل التي يشهدها السوق حاليًا.
ولكن بحلول عام 2025، من المرجح أن ينتهي بهم الأمر إلى دفع المزيد مقابل الكاكاو.
من جهته، قال ستيف روزنستوك، رئيس المنتجات الاستهلاكية في شركة كلاركستون الاستشارية، التي تقدم المشورة للعملاء حول كيفية التعامل مع مشاكل مثل ارتفاع تكلفة الكاكاو: “هذا يؤثر بشكل مؤكد على الطرق التي تدير بها هذه الشركات أعمالها، وذلك لأن تأثير التكلفة كبير بشكل لا يصدق”.
ويرجع ارتفاع أسعار الكاكاو إلى عدة أسباب، على رأسها تضرر منطقة غرب أفريقيا، التي تزرع أغلب إمدادات الكاكاو في العالم، من أمراض المحاصيل وانخفاض الأسعار المدفوعة للمزارعين عند نقطة البيع، والتي تسمى تسليم أرض المزرعة، والتي تدفعهم إلى زراعة محاصيل أكثر ربحية مثل المطاط بدلاً من الكاكاو.
ومن المتوقع أن يشهد محصول الكاكاو هذا الموسم أكبر عجز في ستة عقود على الأقل، وفقًا لتقرير “رابوبانك Rabobank” الصادر في مايو.
وقد أفادت وكالة رويترز، في وقت سابق، بأن غانا، ثاني أكبر منتج للكاكاو، تتطلع إلى تأخير تسليم ما يصل إلى 350 ألف طن من الحبوب إلى الموسم المقبل، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مجددًا.
وتأتي تكلفة السلعة المتصاعدة في وقت عصيب بالنسبة للعديد من شركات الأغذية، فعلى مدار العامين الماضيين، رفعت العديد من الشركات الأسعار للتعامل مع التضخم الذي طال مجموعة أوسع من السلع.
ونتيجة لهذا، أصبح المتسوقون أكثر انتقائية فيما يتعلق بما يشترونه وأكثر استياءً من الأسعار التي يرونها في محلات البقالة.
ويترك تركيز المستهلكين على القيمة لشركات الشوكولاتة مجالاً ضئيلاً للمناورة عندما يتعلق الأمر بالتسعير للتعامل مع تكلفة الكاكاو الأعلى.
ثم هناك التضخم الانكماشي، وهي كلمة دخلت قاموس الشخص العادي على مدى العامين الماضيين، حيث تقوم الشركات بخفض كمية المنتج أو وزنه بينما يظل السعر كما هو، لكن المستهلكين أصبحوا على دراية بهذه الحيلة.
ووجد استطلاع أجرته شركة “يوجوف YouGov” المختصة بأبحاث الأسواق، أن 72% من المستطلعة آراؤهم في الولايات المتحدة الأمريكية لاحظوا التضخم الانكماشي في المنتجات الغذائية.
وفي حين أن ارتفاع أسعار الكاكاو هذا العام كان تاريخيًا، فمن غير المرجح أن تكون المرة الأخيرة التي تجد فيها شركات الأغذية نفسها تدفع أكثر مقابل تلك السلعة.
ويتوقع المحللون بالفعل نقصًا آخر في الكاكاو العام المقبل، إلا أنه من المرجح أن يكون أقل دراماتيكية من هذا الموسم.
وعلى المدى الطويل، يعني هذا أن العديد من الشركات ستضطر إلى البحث عن حلول أكثر ديمومة. في بعض الحالات، قد يعني ذلك بدائل للكاكاو.
وقال روزنستوك: “هناك أمثلة حيث تزيد الشركات من كمية الإضافات غير الكاكاو، مثل السكر، والأشياء الأكثر اقتصادية مثل مكافئات زبدة الكاكاو، زبدة الشيا، زيت النخيل، زيت جوز الهند، وغيرها”.
وقامت شركات ناشئة مثل “فوياج فودز Voyage Foods”، و”ون-ون Win-Win”، بصنع الشوكولاتة الخالية من الكاكاو باستخدام بدائل مثل بذور العنب والبقوليات.
بدوره، قال لوكا زاراميلا، المدير المالي لشركة مونديليز لصناعة الوجبات الخفيفة، في مؤتمر لدويتشه بنك: “سنقوم ببعض إجراءات خفض التكاليف، لكننا لن نغير الوصفات أو نفعل أشياء ليست بالضرورة الشيء الصحيح للشركة على المدى الطويل”.