أعلن مجلس الوزراء أمس أنه قد تم إسناد عملية إدارة وتطوير بحيرة البردويل إلى جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة. ونفى المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، صحة ما تردد بشأن بيع البحيرة. أثار هذا القرار عدة تساؤلات نظرا لعدم معرفة الرأي العام -على نطاق واسع- لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، وكذلك لأن المشروعات التي كان قد سبق إسنادها للجهاز بعيدة عن نشاط تطوير وتنمية البحيرات.
تقع بحيرة البردويل في شمال سيناء داخل الحدود الإدارية لمدينة بئر العبد، وهي شبه ضحلة يصل عمقها على الأكثر إلى ثلاثة أمتار، ويفصلها عن البحر المتوسط ممر رملي ضيق، وتغطي مساحة حوالي 700 كيلومتر مربع. وبسبب هذه السمات الجغرافية ولكونها شديدة الملوحة، عُرفت بحيرة البردويل بإنتاجها المميز من الأسماك والقشريات وعلى الأخص الجمبري والكابوريا وأسماك العائلة البورية مثل البوري والجران والسهيلي والهليلي، بالإضافة إلى الدنيس الذي يكتسب بها شهرة مميزة، والقاروص وموسى والوقار.
وارتفع الإنتاج السمكي من البحيرة في السنوات الأخيرة، حيث كان 2.6 ألف طن عام 2018 وبلغ 4.3 آلاف طن عام 2021 كانت تمثل نحو 0.2 % من إجمالي الإنتاج السمكي لمصر في ذلك العام، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وهي أرقام لا تتناسب مع كون البحيرة هي الثانية من حيث المساحة على قائمة البحيرات المصرية بعد المنزلة وقبل البرلس التي أنتجت عام 2021 أكثر من 10 آلاف طن أسماك مثلت 5.2% من الإنتاج الإجمالي المصري.
ويعمل في مهنة الصيد والمهن المرتبطة بها في بحيرة البردويل حوالي أربعة آلاف صياد تمثلهم ست جمعيات، وتزايد عدد مراكب الصيد من 1094 عام 2000 إلى أكثر من 1200 حاليا بحسب وزارة الزراعة.
وهذه الأرقام كانت السبب وراء سعي الدولة باستمرار إلى تطوير الاستفادة من البحيرة، والتغلب على أسباب انخفاض إنتاجها السمكي، وبالأخص مشاكلها البيئية العديدة بحسب ورقة تحليل اقتصادي للإنتاج أعدها الباحثان أشرف شبل يونس وسليم عياش ونشرت عام 2020 بمجلة اتحاد الجامعات العربية للعلوم الزراعية عن جامعة عين شمس.
وهذه المشاكل تتضمن: انتشار صيد الجر باستخدام اليخوت مما يسبب التغير الكيميائي لتربة البحيرة وموت الزريعة التي تعتبر الغذاء الأول للأسماك القابلة للتسويق، وانتشار القواقع الشوكية والسلاحف البحرية، وافتقارها للتنظيف والتنقية من مخلفات المراكب وهياكلها القديمة. بالإضافة إلى ظهور إشكاليات أخرى تتعلق بتفضيل السوق لإنتاج البحيرة من القشريات مما تسبب في انخفاض الإنتاجية من الأسماك الفاخرة عالية الجودة كالوقار والقاروص وموسى والدنيس، والتي تصلح أيضا للتصدير لما تتميز به الأصناف المصرية على مستوى الحجم والمذاق.
وبحسب ورقة الباحثين واستبيان قاما به بين الصيادين، ثمّة مشاكل أخرى بشرية وإدارية تعوق زيادة الإنتاج، منها زيادة أسعار مستلزمات الصيد وارتفاع تكلفة الوقود وفرض الصيد بالنهار، وعدم تمتع الصيادين بتأمين صحي، وسيطرة المناديب على عمليات الشراء والتحكم في الأسعار، وعدم وجود ثلاجات للحفظ، واحتكار التجار.
وفي سبتمبر 2023 أعلن محافظ شمال سيناء السابق اللواء محمد عبدالفضيل شوشة أن الرئيس السيسي وجه بتنفيذ المرحلة الثانية من خطة تطوير بحيرة البردويل، بهدف تحسين إنتاجيتها من الأسماك للوصول إلى 11 ألف طن سنويا. كما أعلن جهاز حماية البحيرات وتنمية الثروة السمكية أن خطة التطوير تشمل تطهية البواغيز الرئيسية وأطراف البحيرة ووقف تصحرها نتيجة حركة الكثبان الرملية ومنع صيد الزريعة لزيادة حجم الأسماك، وتشديد حظر الصيد في مرحلة التكاثر.
وفي أبريل 2024 أعلنت محافظة شمال سيناء التصديق على افتتاح البحيرة –تجريبيا- لموسم الصيد بعد تطويرها بالتزامن مع عيد تحرير سيناء واليوم القومي للمحافظة، وبتحديث مواعيد السروح ومراجعة التراخيص للمراكب والصيادين.
وفي 5 أكتوبر 2024 أعلن محافظ شمال سيناء خالد مجاور أنه تقرر استمرار أعمال الصيد بالبحيرة لثلاثة أشهر إضافية حتى نهاية العام الحالي “وذلك في إطار التنسيق مع جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية ووزارة الدفاع”.
لكن أنباء عادت للتداول الأيام الماضية عن وقف الصيد في البحيرة، الأمر الذي نفته المحافظة، لكن جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية أوضح في تصريحات صحفية أنه لم يعد المشرف على البحيرة.