الخميس , سبتمبر 19 2024
أخبار عاجلة

“الزراعة الذكية” وافد جديد أمام الفلاح المصري عليه أن يتعامل معها

بدأ مصطلح “الزراعة الذكية” يطرح وبقوة هذه الأيام سواء عبر وسائل الإعلام أو من قبل المؤسسات البحثية الزراعية باعتباره “أفضل السبل المتاحة للتغلب على التغيرات المناخية”، ولمواجهة الفجوة الغذائية التي تعانيها أغلب الشعوب، وأيضا للتعامل مع الاشتراطات الدولية في مجالات الحاصلات الزراعية وما يصدر منها.

لكن هذا الوافد الجديد على الحقل الزراعي ربما لم يصل حتى الآن إلى مسامع الفلاح المصري البسيط الذي أعتاد على الطرق التقليدية في زراعته وقد يستحيل عليه أن يتخلى عنها بسهولة على الأقل في المستقبل القريب.

“الفلاح المصري معروفه عنه أنه عنيد”، هكذا يصفه الدكتور سرحان سليمان، الخبير بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي، و”التطور التكنولجي الحاصل قد يزيد من تكلفة انتاجه الزراعي” .

ولذلك أقترح في تصريحات خاصة بمجلة “نماء” الزراعية أن يقدم للمزارع المصري الدعم الذي يحتاجه ماليا ومعرفيا ليتعرف على هذه الوسائل الحديثة ويتبناها. وما يشجعهم على استخدام الأصناف الجديدة؛ لأنها ستوفر لهم الوقت والمال والعمالة، وتضمن لهم الإنتاجية المرتفعة، ويشرح لهم كيف تسهم الممارسات الذكية في تخفيف مساهمة القطاع الزراعي في تغيرات المناخ؛ لأنها تقلل انبعاثات غاز الميثان من حقول الأرز، حيث تتميز زراعة الأصناف عالية الإنتاجية بقدرة أعلى على عملية البناء الضوئي التي تمتص مزيدًا من غاز ثاني أكسيد الكربون.

وقال :إن الأمر ربما يتطلب ما يشبه الحملة القومية لتعريف المزارع المصري بخطورة التغيرات المناخية وضرورة التعامل معها لتجاوز التحديات التي تصنعها. ويضيف إلى ذلك “الاشتراطات الدولية” التي لم يعد بالإمكان تجاوزها أمام صادرات المحاصيل الزراعية كما يحدث مع “البصمة الكربونية”، كشرط أمام الفلاح لتصدير منتجاته، وقال: “ليس أمامه إلا اتباع هذه الأساليب لأن فيها اشتراطات دولية لا يمكن تجاوزها”.

وأعتبر الدكتور سليمان، الذي شارك في العديد من الأبحاث حول الزراعة الحديثة، أن أول من طرح موضوع “الزراعة الذكية” هي منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” في فعاليات خاصة بها، وكان الهدف هو مواجهة التغيرات المناخية العالمية وخاصة أثرها على الأمن الغذائي.

ففي 2015، أطلقت منظمة (الفاو) مشروع SAIL بمشاركة وزارة الزراعة المصرية، لمساعدة المزارعين المصريين من أصحاب الحيازات الصغيرة على تعزيز ما يُعرف بالممارسات الذكية مناخيًّا، وشجع هذا المشروع المزارعين على تجريب الزراعة المائية بدون تربة، كتقنية مبتكرة لتقليل المياه وزيادة الإنتاجية، وعلى استخدام أصناف المحاصيل البديلة، وتحويل أنظمة الري التقليدية إلى ري بالتنقيط أو بالرش، واستخدام معدات للحصاد تعمل بالطاقة الشمسية.

وتعرف “الفاو” الزراعة الذكية مناخيًّا بأنها نهج لإعداد الإجراءات اللازمة لتحويل النظم الزراعية إلى دعم الأمن الغذائي في ظلّ تغيرات المناخ، ساعيةً بذلك إلى تحقيق ثلاثة أهداف -يقول الدكتور سليمان- هي: زيادة الإنتاجية بشكل مستدام، التكيُّف مع تغيُّر المناخ وخفض الانبعاثات، تحديد نظام الإنتاج الزراعي والسياسات الأنسب لذلك.

مشيرا إلى أن النشاط الزراعي يسهم بنحو 30٪ من الغازات المنبعثة، وأكثر من 40% من غاز الميثان يتأتى من انحلال المواد العضوية فى حقول الأرز المغمورة بالمياه، كما أن التوسع الزراعى مسئول عن 80% من انبعاثات أكسيد النترون الناجم عن تحلل الأسمدة.

وقال أن ما شهده العالم هذا العام من ارتفاع شديد فى درجات الحرارة، عجّل من وتيرة التنبؤات بزيادة حرارة الأرض خلال الأعوام المقبلة، وهو ما ينذز بمزيد من الكوارث والمخاطر البيئة والصحية والغذائية.

وفي دراسة حالة أجرتها “الفاو” في العام 2021 في عدد من البلدان حول الزراعة الذكية مناخيًّا، قالت إن الموارد الطبيعية الزراعية في مصر تتعرض لتهديد مستمر؛ بسبب تغيُّر المناخ وتزايُد الضغوط البشرية، إذ سيؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تقليل المساحة المزروعة حول نهر النيل، ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة وتزداد الفجوة بين الموارد المائية الموجودة والاحتياجات الفعلية، كما أظهرت التوقعات انخفاضًا كبيرًا في إنتاج القمح، في الفترة ما بين عامي “2012 و2040” بنسبة تتراوح من 11 إلى 12%، ومن 26 إلى 47% للأرز، ومن 40 إلى 47 % للذرة.

ولذلك أصبح من الضرورى اتخاذ إجراءات وتدابير وتنفيذ برامج تتماشى مع الآثار المتوقعة على إنتاجية ونوعية المحاصيل، وإحداث تغيير جذرى فى آلية إنتاج الغذاء، وإدارة الأراضى للتخفيف من الآثار السلبية. وأوضح الدكتور سليمان أن الزراعة الذكية تقوم على أساس اختيار أصناف جديدة من المحاصيل، تتحمل درجة حرارة أعلى، وتستهلك مياه أقل، وأيضا تعطي إنتاجية أفضل.

يذكر أن وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، السيد القصير، كان قد شدد على أهمية دور البحث العلمى فى مجال استنباط أصناف جديدة للمحاصيل قادرة على التأقلم مع التغيرات المناخية، ونظم رى حديثة تعتمد على تقنيات صديقة للبيئة إضافة إلى إيجاد حلول عملية للمشكلات.

وحول سبل تفادى التداعيات المناخية، أعتبر أن “الزراعة الذكية” هي أفضل حل للأزمات، وذلك من خلال استنباط أصناف جديدة تتحمل الحرارة والملوحة العالية والجفاف ويكون موسم نموها قصيرا لتقليل الاحتياجات المائية اللازمة لها، بالإضافة إلى تغيير مواعيد الزراعة بما يلائم الظروف الجوية الجديدة.

عن علي عبدالعال

شاهد أيضاً

وزير الزراعة يوافق على صرف 274 مليون جنيه تمويلاً جديداً للمشروع القومى للبتلو

قال المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة وإستصلاح الأراضى، أن مجلس إدارة المشروع القومى للبتلو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *